Preview

Minbar. Islamic Studies

Расширенный поиск

Приоритеты и методология издания фетв в шафиитском мазхабе

https://doi.org/10.31162/2618-9569-2025-18-2-340-357

Содержание

Перейти к:

Аннотация

   В данном исследовании рассматривается методология, которой следовали правоведы шафиитского мазхаба при определении основополагающего мнения (фетвы) в рамках своего учения. В статье объясняются причины, по которым большинство правоведов VII века хиджры и последующих периодов предпочли принять мнения двух великих имамов – ар-Рафи‘и и ан-Навави, а не других. Также в статье анализируется подход, который использовали правоведы XI века хиджры и последующих периодов, принимая мнения таких выдающихся теоретиков, как шейх-аль-ислям Закариййа аль-Ансари, и ученых Шихаб-ад-дина Ахмада ибн Хаджара аль-Макки, Джамаль-ад-дина Мухаммада ибн Ахмада ар-Рамли и др. Кроме того, в статье разъясняется, чье мнение следует принимать в случае разногласий между упомянутыми учеными, и приводятся некоторые правила определения предпочтительности (тарджих) одного мнения другому. Всё это подкрепляется цитатами из трудов авторитетных исследователей мазхаба, изложенными с целью собрать их разрозненные высказывания в одном месте.

Для цитирования:


Хаутиев И.А., Аль-Ляххам Б.С. Приоритеты и методология издания фетв в шафиитском мазхабе. Minbar. Islamic Studies. 2025;18(2):340-357. https://doi.org/10.31162/2618-9569-2025-18-2-340-357

For citation:


Khautiev I.A., Al-Lahham B.S. Priorities and methodology of issuing fatwas in the Shafi‘i madhhab. Minbar. Islamic Studies. 2025;18(2):340-357. (In Russ.) https://doi.org/10.31162/2618-9569-2025-18-2-340-357

المقدّمة

علم الفقه من أهمّ العلوم الإسلاميّة وأشرفها، به يعرف الحلال والحرام، ويحتاجه الخواصّ والعوام، وأربابه مصابيح الهدى، من تتّضح بهم الحقائق، وتنكشف بفهومهم الدّقائق.

وهذا بحث وجيز في إحدى الفوائد المذهبيّة الشّافعيّة، وهي وإن كانت موجودة في متفرّقات كتب المذهب، إلّا أنّ جمعها في مكان واحد أجمع للفكر، وأضبط للذّهن، وأعوَنُ على الاستحضار والتّفكّر.

يقول العلّامة الزّركشيّ في مقدّمة قواعده: "أمّا بعد: فإنّ ضبط الأمور المنتشرة المتعدّدة في القوانين المتّحدة هو أوعى لحفظها، وأدعى لضبطها، وهي إحدى حكم العدد الّتي وضع لأجلها، والحكيم إذا أراد التّعليم لا بدّ له أن يجمع بين بيانَيْن: إجماليّ تتشوّف إليه النّفس، وتفصيليّ تسكن إليه" [1، ص 65[.

ولذلك نجد الإمام النّوويّ لَمَّا خصّص في كتابه "المجموع" فصلاً للكلام عن الأغسال المسنونة قال: "أَحْبَبْتُ موافقة الجمهور في ذكرها مجموعةً في موضعٍ؛ فإنّه أحسن وأحوط وأنفع وأضبط"]2، ص 201[.

وقد أَوْرَدْتُ في هذا البحث ضابط الأولويّة في المعتمد في الفتوى لدى الشّافعيّة، مبيِّناً الأسباب الّتي دعت علماء المذهب لاعتماد هذه الأولويّة، ورتّبتُه على النّقاط التّالية:

أ - تقديم الرّافعيّ والنّوويّ في الفتوى

ب - أسباب تقديمهما

ج - أولويّة قول النّوويّ رحمه الله

د - قواعد التّرجيح بين أقوال النّوويّ عند التَّعدّد

هـ - تقديم قول النّوويّ أغلبيّ

و - حكم ما سكت عنه الشّيخان

ز - الإفتاء بقول الهيتميّ، وترتيب كتبه

ح - مكانة الجمال الرّمليّ في الفتوى

ط - أقوال أخرى في الفتوى الرّاجحة في المذهب.

أ - تقديم الرّافعيّ والنّوويّ في الفتوى:

فقد اتّفق جمهور فقهاء الشّافعيّة أنّ المفتي في المذهب الشّافعيّ ليس له أن يعتمد على شيء من الكتب المتقدّمة على شيخيْ المذهب أعني الإمام عبد الكريم بن محمّد بن عبد الكريم أبا القاسم الرّافعيّ (ت: 623هـ) صاحب (الفتح العزيز في شرح الوجيز، والمحرّر وغيرهما من كتب المذهب) والإمام يحيى بن شرف أبا زكريّا النّوويّ (ت: 676هـ) صاحب (روضة الطّالبين وعمدة المفتين، ومنهاج الطّالبين وعمدة المفتين، وغيرهما من كتب المذهب) إلّا بعد مزيد الفحص والتّحرّي، حتّى يغلب على الظّنّ أنّه المذهب، ولا يفتي بتتابع الكتب المتعدّدة على حكم واحد؛ فإنّ هذه الكثرة قد تنتهي إلى واحد، كما قاله العلّامة ابن حجر ]3، ص 39[.

فالأصل في الاعتماد على الفتوى في المذهب الشّافعيّ إذاً هو: ما اتّفق الشّيخان الرّافعيّ والنّوويّ على تصحيحه، والتّعويل عليهما في هذا، ما لم يُجمِع مُتَعَقِّبُو كلامهما على أنّه سهو.

يقول العلّامة ابن حجر الهيتميّ في كتابه "الإيعاب": "والرّأي أنّ الأصوب ما عليه الشّيخان أو النّوويّ وأنّ كلّاً منهما أدرى بمدارك المذهب ممّن جاء بعده وأنّه الحقيق بقول الشّاعر:

إذا قالت حذام فصدّقوها *** فإنّ القول ما قالت حذام

وقد أجمع المحقّقون على أنّ المفتى به ما ذكراه"1

ب - أسباب تقديمهما:

وأمّا الأسباب التي دعت فقهاء المذهب للأخذ بقولهما واعتمادهما دون غيرهما فهي عديدة أهمّها الأسباب التّالية:

السّبب الأوّل: أنّهما جمَعا ما تفرّق من كلام الإمام الشّافعيّ وأصحابه في المسائل الفرعيّة. وذلك لكثرة ما كان تحت يديهما من مصنّفات الإمام الشّافعيّ وأصحابه مع انتشارها وتفرّقها، وممّا يدلّ عليه ما قاله الإمام النّوويّ في مقدّمة كتابه "المجموع": "وأَحْرِصُ على تتبّع كتب الأصحاب من المتقدّمين والمتأخّرين إلى زماني من المبسوطات والمختصرات، وكذلك نصوص الإمام الشّافعيّ صاحب المذهب رضي الله عنه"]4، ص 5[.

السّبب الثّاني: اجتهادهما غاية الاجتهاد في تحقيق المذهب وتنقيحه، حتّى صارا أدرى بمدارك المذهب وأعلم بنصوص الإمام وكلام الأصحاب ممّن جاء بعدهما، وصار ما وقع منهما مخالفاً للنّصّ أو لكلام الأصحاب، إنّما هو لموجب، علمه من علمه، وجهله من جهله، ولذلك لا يغترّ بكلام من يعترض عليهما بنصّ "الأمّ" أو كلام الأكثرين أو نحو ذلك2

السّبب الثّالث: براعتهما في معرفة المذهب، وتمكّنهما من الإحاطة بنصوصه.

ولذلك قال العلّامة ابن السّبكيّ مُثنياً على الإمام الرّافعيّ: "وأمّا الفقه فهو فيه عمدة المحقّقين، وأستاذ المصنّفين، كأنّما كان الفقه ميتاً فأحياه وأنشره، وأقام عماده بعدما أماته الجهل فأقبره، كان فيه بدراً يتوارى عنه البدر إذا دارت به دائرته، والشّمس إذا ضمَّها أوجهاً، وجواداً لا يَلْحَقُه الجواد إذا سلك طرقاً ينقل فيها أقوالاً ويخرّج أوجهاً" ]5، ص 282[.

وقال العلّامة ابن كثير في طبقاته مثنياً على الإمام النّوويّ: "الحافظ الفقيه الشّافعيّ النّبيل، محرّر المذهب ومهذّبه وضابطه ومرتّبه" ]6، ص 909 - 910[.

السّبب الرّابع: أنّهما لا يتقيّدان في تصحيحهما إلا بقوّة المدْرَك، ولا يتقيّدان بقول الأكثر ولا بغيره.

وقد ساق العلّامة ابن حجر الهيتميّ أدلّة على ذلك في كتابه "الإيعاب" منها على سبيل المثال قوله فيه: "ومما يدلّك على صحّة ذلك، أنّهما صرَّحا بكراهة ارتفاع المأموم على الإمام، وعمَّما ذلك فلم يُقيِّداه بمسجد ولا غيره، فجاء بعض المتأخّرين واعترض عليهما بأنّه نصّ في "الأمّ" على أنّ محلّ كراهة ذلك في غير المسجد وتبعه كثيرون، ومِلْتُ إلى موافقتهم زمناً طويلاً حتّى رأيتُ للشّافعيّ - رضي الله عنه - نصّاً آخر مصرّحاً بكراهة العُلُوّ في المسجد، فإنّه كره صلاة الإمام داخل الكعبة والمأموم خارجها، وعلّله بعلوّه عليهم، فانظر كيف عَلِمَا أنّ له نصّين أَخَذَا بأحدهما؛ لموافقته للقياس، من أنّ ارتفاع أحدهما على الآخر يُخِلُّ بتمام المتابعة المطلوب بين الإمام والمأموم، وتَرَكَا النّصّ الآخر؛ لمخالفته للقياس المذكور لا عبثاً؛ إذ مزيد ورعهما وشدّة تحرّيهما في الدّين قاضٍ بذلك، ولو أمعن بتفتيش كتب الشّافعيّ - رضي الله عنه - والأصحاب لظهر أنّهما لم يخالفا نصّاً له إلّا لما هو أرجح منه"3

وأما في "فتاويه الكبرى" فيقول ما نصُّه: "على أنّ اتّباع الأكثرين إنّما هو في الأكثر؛ وإلّا فالشّيخان كثيراً ما يخالفان الأكثرين بل وقع لهما في الإقرار أنّهما حكيا عن الأكثرين فرعاً، وعن الصّيدلانيّ خلافه، وصوّبا ما قاله الصّيدلانيّ وحده مع مخالفته لسائر الأصحاب" ]7، ص 92[.

هذا، وقد نبّه العلّامة ابن حجر الهيتميّ في "التّحفة" على أنّ معرفة المدْرَك مهمّة لمن يريد معرفة المذهب، وإن قلّ القائلون به، فقال: "ومن ثمّ خالف الشّافعيَّ وأصحابَهُ في مسائل كثيرة أكثرُ العلماء" ]3، ص 20[.

والمعنيّ بهذا: أنّ مخالفة أكثر العلماء للشّافعيّ وأصحابه في مسائل كثيرة لعدم علمهم المدارك الرّاجحة في تلك المسائل الّتي أدركها الشّافعيّ وأصحابه، كما قاله العلّامة الشّروانيّ محشّي "التّحفة" ]3، ص 41[.

السّبب الخامس: كمال ورعهما وشدّة تحرّيهما في الدّين.

يقول ابن حجر في في "الفتاوى الكبرى" مشيراً إلى هذا السبب بكلمةٍ جامعةٍ: "أجمع من جاء بعدهما على أنّهما مبالغان في التّحرّي والاحتياط والحفظ والتّحقيق والولاية والمعرفة والتّحرير والتّنقير مبلغاً لم يبلغه أحد ممّن جاء بعدهما فكان اعتماد قولهما هو الأحرى والأحقّ والإعراض عن مخالفيه هو الأولى بكل شافعيّ لم يصل لمرتبة من مراتب الاجتهاد" ]7، ص 325[.

السّبب السّادس: أدبهما مع العلماء، وأظنُّ أنَّ هذا السّبب من أهميّة بمكان في جعل الله القبول لما حرّراه ونقّحاه ، ومن ثمّ عوّل فقهاء المذهب على ما ذهبا إليه من بيان القول المعتمد في المذهب، وانتفعوا بما ذكراه، وكان موجباً لعود بركة مصنّفاتهما على غيرهما، والتّوفيق فيها؛ لإصابة الحقّ والله أعلم.

ومن صور أدب الرّافعيّ رحمه الله مع أئمّة المذهب الّذين سبقوه .. لَمَّا قال ابن حجر الهيتميّ في "التّحفة" في باب العدد: "وإلحاق الغزاليّ السّتّة بما دونها، غلّطه فيه الرّافعيّ"، نبّه العلّامة ابن قاسم العبّاديّ على أنّ الإمام الرّافعيّ لم ينسب كلام الإمام الغزاليّ إلى الغلط، وإنّما عبّر عنه بالاختلال، ثمّ قال: "وفي التّعبير بالتّغليط من الفحش ما ليس في التّعبير بالاختلال، فلا يليق نسبته لحجّة الإسلام خصوصاً على لسان الرّافعيّ المعروف بغاية التّأدّب مع الأئمّة وسلامة اللّسان من الفحش معهم كما مدحوه بذلك، والله أعلم"]8، ص 240[

وأمّا الإمام النّوويّ فلو لم يكن من أدبه إلّا اجتنابه التّعبير عن أقوال الإمام الشّافعيّ المرجوحة بما يشعر بالضّعف، وعدوله عن ذلك إلى التّعبير بما يشعر بالخفاء؛ لكفاه ذلك، والله أعلم.

أقول: لعلّ هذه الأسباب الّتي تقدَّم ذكرها وغيرها ممّا لم أذكره كان لها الدَّور الأكبر في عكوف علماء المذهب على كتبهما، والاعتماد على تصحيحهما، وأكّدوا على تقديمهما على غيرهما، والله أعلم.

ج - أولويّة قول النّوويّ رحمه الله:

إذا تقرّر أنّ القول المعتمد هو ما صحّحه الشّيخان الرّافعيّ والنّوويّ، فمن المقدّم عند اختلاف ترجيهما؟

الجواب: إنّ قول الإمام النّوويّ هو المقدّم.

والسؤال هنا: إن تعارض ترجيح النّوويّ نفسه، فما هو المقدَّم؟

نجد جواب ذلك عند ابن حجر الهيتميّ رحمه الله تعالى إذ نصَّ على ذلك في "التّحفة" مرتِّباً كتب النّوويّ في الاعتماد قائلاً: "التّحقيق"، فـ"المجموع"، فـ"التّنقيح"، فـ"الرّوضة"، فـ"المنهاج"، ونحو"فتاواه"، فـ"شرح مسلم"، فـ "تصحيح التّنبيه" "وَنُكَتِهِ" ]3، ص 39[

ثمّ قال ابن حجر: "وهذا تقريب؛ وإلّا فالواجب في الحقيقة عند تعارض هذه الكتب مراجعة كلام معتمدي المتأخّرين واتّباع ما رجّحوه منها"] 3، ص 39[.

فقول ابن حجر - وهو أنّ ترتيب كتب الإمام النّوويّ ترتيب تقريبيّ - يؤخذ منه أنّه لا يعمل في تآليفه بقاعدة تقديم المتأخّر على المتقدّم؛ لعدم العلم بترتيب كتبه، بل الّذي يظهر: أنّه كان يكتب كتباً متعدّدة في آن واحد؛ يكتب في هذا شيئاً، ثمّ ينتقل إلى الآخر، ثمّ يعود إلى الثّالث، وهكذا.

ولذلك نجده يقول في "شرح المهذّب": "وقد نبّهت عليه في الرّوضة" ..

ويقول في "الرّوضة": "وقد أوضحت ذلك في شرح المهذّب" ..

ويقول في "شرح صحيح مسلم": "وقد أوضحتها في أوّل شرح المهذّب" ..

ويقول في "شرح المهذّب": "وقد أوضحت شرحه في أوّل شرح مسلم".

وخير شاهد على ما ذكر، ما قرَّره في مسألة سُنِّيَّة "صلاة التّسبيح" إذ قال في كتاب "تهذيب الأسماء واللّغات" بأّنّ صلاة التّسبيح سنّة حسنة، ثمّ قال بعد ذلك: "وقد أوضحتها أكمل إيضاح، وسأزيدها إيضاحاً في "شرح المهذّب" مبسوطة إن شاء الله تعالى" .. ]9، ص 144[

ثمّ وجدناه يقول في "شرح المهذّب": "قال القاضي حسين وصاحبا "التهذيب" و"التّتمّة" والرّويانيّ في أواخر كتاب الجنائز من كتابه "البحر": يستحبّ صلاة التسبيح؛ للحديث الوارد فيها، وفي هذا الاستحباب نظر؛ لأنّ حديثها ضعيف، وفيها تغيير لنظم الصّلاة المعروف، فينبغي ألّا يفعل بغير حديث، وليس حديثها بثابت"]10، ص 54[.

ولذلك قال ابن حجر الهيتميّ في "حاشية الإيضاح": الحقّ أنّه لا بدّ من نوع تفتيش؛ فإنّ كتب المصنّف - الإمام النّوويّ - نفسه كثيرة الاختلاف فيما بينها، فلا يجوز لأحد أن يعتمد ما يراه في بعضها حتّى ينظر في بقيّة كتبه أو أكثرها، أو يعلم أنّ ذلك المحلّ قد أقرّه شارحه أو المتكلّم عليه، الّذي من عادته حكاية الاختلاف بين كتبه وبيان المعتمد من غيره. [11، ص 17[.

وقال في "التّحفة": ويقع للمؤلّف تناقض بين كتبه في التّرجيح ينشأ عن تغير اجتهاده فَلْيعتن بتحرير ذلك من يريد تحقيق الأشياء على وجهها ]3، ص 233[.

د - قواعد التّرجيح بين أقوال النّوويّ عند التَّعدّد:

ذكر علماء المذهب قواعد يُستعان بها في التّرجيح بين ما وقع في كتب النّوويّ من اختلاف، وهي:

- أنّه يقدّم ما اتّفق عليه أكثر كتبه على ما اتّفق عليه الأقلّ منها غالباً.

- ما كان في بابه مقدّم على ما جاء في غيره غالباً، كما قاله ابن حجر؛ لأنّ الاعتناء بتحرير ما فيه أكثر]12، ص 416[.

وقول ابن حجر "غالباً" في بيان التّرجيح بين كتب الإمام النوويّ والتّرجيح بين ما قاله في بابه على ما قاله في باب آخر، نبّه به ابن حجر على أنّ هذه القاعدة - أعني: قاعدة تقديم ما ذكر - أغلبيّة، لا كلّيّة، والله أعلم.

هـ - تقديم قول النّوويّ أغلبيّ:

إذا لم نجد للإمام النّوويّ ترجيحاً في المسألة، فالتّعويل على قول الإمام الرّافعيّ، كما قاله ابن حجر في "التّحفة" ]3، ص 39[.

وقد علّق ابن قاسم قي حاشيته على قول العلّامة ابن حجر في تقديم قول الإمام النّوويّ على قول الإمام الرّافعيّ بأنّه أغلبيّ، فقال: "ينبغي أن يقال (غالباً) وإلّا فقد اعتمد بعض مشايخنا ممّن له غاية الاعتناء بهما ما قاله الرّافعيّ في نظر الأمرد"[3، ص 39[.

و - حكم ما سكت عنه الشّيخان:

هذا، وأمّا إذا لم يجئ عن الشّيخين الرّافعيّ والنّوويّ أو عن أحدهما ترجيح أو تصحيح في المسألة فإنّ النّاظر في المسألة ليس له إلّا الحالين:

الأولى: أن يكون من أهل الاجتهاد يعرف أصول المذهب وقواعده فيفتي بما ترجّح عنده من أقوال الإمام الشّافعيّ وأصحابه النّاقلين عنه.

قال السّيّد عمر البصريّ في فتاويه في ضمن إجابة له عن بعض مسائل سجود السهو: "وأمّا مسألة الذّكر السّابقة، فقد تعارض فيها ترجيح فئتين من المتأخّرين، وحاصل ما يقال فيها وفي نظائرها: أنّ المتأهّل للتّرجيح بما منحه الحقّ تعالى من التّبحّر في المذهب، والإحاطة بقواعده، وحصول الملكة التّامّة من العلوم الإلهيّة المحتاج إليها في ذلك، يبذل جهده، ويستفرغ وسعه" ]10، ص 164[.

ولا يجوز لمن بلغ درجة الاجتهاد والتّرجيح أن يفتي بالقول الضّعيف في المذهب، وإن ترجّح عنده غيره؛ لأنّه يسأل عن الرّاجح في مذهب ذلك الإمام، لا عن الرّاجح عنده كما قاله ابن حجر في "فتاويه" ]6، ج: 4، ص 317[.

الثّانية: أن لا يكون قد بلغ مرتبة الاجتهاد فيفتي بكلام المتأخّرين الّذين وقع الاتّفاق على جلالة مصنّفاتهم واعتمادها من محقّقي المذهب.

لا شكّ أنّ هذا الصّنف من العلماء الموجودين بيننا يجوز لهم الإفتاء بكلام المتأخّرين المتّفق على جلالتهم كشيخ الإسلام زكريّا الأنصاريّ، ومن جاء بعده من المحقّقين.

ولذلك قال العلاّمة محمد الكرديّ (ت: 1194هـ) فقيه الشّافعيّة في الدّيار الحجازيّة في عصره في كتابه "كاشف اللّثام": "المتداول في هذه الأزمان، في هذه الأماكن، في أيدي من هو أجلّ منّا من المشايخ المقلّدين للإمام الشّافعيّ - رضي الله عنه - من كتب الفقه؛ كتب شيخ الإسلام زكريّا الأنصاريّ (ت: 926هـ)، والشّهاب أحمد الرّمليّ (ت: 957هـ)، والشّمس محمّد الشّربينيّ الخطيب (ت: 977هـ)، والشّهاب أحمد بن حجر المكّيّ (ت: 974هـ)، والجمال محمّد الرّمليّ ابن الشّهاب (ت: 1004هـ) - رحمهم الله جميعاً - وما وضع على كتبهم من حواشٍ وغيرها" ]11، ص 45[.

ثمّ وقع الخلاف في: أيّ هؤلاء الأعلام يعتمد قوله حال الاختلاف بينهم؟ على أقوال:

الأوّل: أنّ المعتمد ما اتّفق عليه العلاّمتان ابن حجر، والشّمس الرّمليّ، وأنّه لا تجوز الفتوى بكتب غيرهما إذا خالفت ما اتّفقا عليه، أو كانت مخالفة لأحدهما.

وقد ذهب إلى هذا الرّأي جماعة من فقهاء المذهب، وذكر العلاّمة الكرديّ في "الفوائد المكّيّة" عن شيخه العلّامة محمّد سعيد سنبل حكاية اتّفاق أئمّة المذهب عليه ]12، ص 188[.

وعلى هذا يتخيّر المفتي في المذهب الشّافعيّ بين قول من أراد من الشّهاب أحمد ابن حجر المكّيّ، والجمال محمّد الرّمليّ إذا اتّفقا في مسألة معيّنة ما لم يُجْمِعْ متعقّبو كلامهما على أنّه سهو، على وزان ما سبق في الكلام على الشّيخين الرّافعيّ والنّوويّ .

والاعتماد على ما رجّحاه جاء بسبب ما كان عندهما من التّفوّق والتّقدّم في المذهب الشّافعيّ.

يقول العلّامة الكرديّ في "المواهب المدنيّة" مثنياً عليهما: "اعلم أنّ كلّاً من الإمامين المذكوريْن عمدة العلماء الأعلام، حجّة الله على الأنام، حامل لواء مذهب الشّافعيّ على كاهله، محرّر مشكلاته وكاشف عويصاته ببُكَره وأصائله، وقد نالا بما بذلا فيه نفوسهما أعلى الحرائث، حتى كاد أن يقال: إنّهما أمِنا أن يعزّزا بثالث" ]13، ص 103[.

على أنّ كلام شيخ الإسلام زكريّا الأنصاريّ، والعلّامة ابن زياد [عبد الرحمن بن عبد الكريم من أهل زبيد (975 هـ)]، والعلّامة الشّهاب الرّمليّ، والعلّامة الخطيب الشّربينيّ، وغيرهم من نظرائهم؛ لا يخرج في الغالب عن كلام العلّامتين ابن حجر والرّمليّ، كما ذكره سعيد بن محمّد باعشن في "بشرى الكريم" ]14، ص 43[.

هذا، والّذي سبق ذكره من اعتماد غير المتأهّل للإفتاء على ما ذهب إليه العلّامتان ابن حجر والرّمليّ هو ما لم يختلفا، أمّا إذا وقع الاختلاف في بيان الرّاجح في المذهب بين قوليهما، فبعض علماء المذهب ذهبوا إلى أنّ المعتمد ما قاله ابن حجر، في حين أنّ الآخرين ذهبوا إلى اعتماد ما قاله العلّامة الرّمليّ في كتبه خصوصاً في كتابه: "نهاية المحتاج"؛ لأنّها قرئت عليه إلى آخرها في أربع مئة من العلماء، فنقدوها وصحّحوها؛ فبلغت الغاية في الدّقّة والصّحّة ..

وقد ذكر الشّيخ عمر القره داغي (ت: 1355 هـ) تفصيلاً آخر في طريقة أقوال المتأخّرين، فقال: "الّذي أعتقد: أنّ ابن حجر أعلى كعباً من الرّمليّ، فينبغي لمن لم يتأهّل للتّرجيح الإفتاء بكلامه عند مخالفة الرّمليّ له، سواء لم يكن لشيء منهما موافق أو كان، وإن كان موافق الرّمليّ أكثر، فإن كان للرّمليّ موافق كالخطيب، ولم يكن لابن حجر موافق، أو صرّح من بعدهما بترجيح قول الرّمليّ؛ فالفتوى به أحسن" مع العلم أنّ ابن حجر تابع لشيخ الإسلام زكريّا الأنصاريّ في كثير من ترجيحاته، كما أنّ محمّد الرّمليّ تابع والده أحمد الرّمليّ في أكثر ما رجّحه ]15، ص 42[.

ثمّ إذا لم يتعرّض أحد من الشّيخين بشئ فيفتى بكلام شيخ الإسلام زكريّا الأنصاريّ، ثمّ بكلام الخطيب الشّربينيّ، ثم بكلام الزّياديّ، ثم بكلام ابن قاسم العبّاديّ، ثم بكلام عَمِيرة، ثم بكلام عليّ الشّبراملسيّ، ثم بكلام نور الدّين الحلبيّ، ثم بكلام شمس الدّين الشوبريّ، ثم بكلام العنانيّ، ما لم يخالفوا أصول المذهب ]15، ص 42[.

ز - الإفتاء بقول الهيتميّ، وترتيب كتبه:

ثمّ الواقع عمليّا عند فقهاء الشّافعيّة إذا اختلف ترجيح القول المعتمد في المذهب للعلّامة ابن حجر في كتبه تقديم كتاب "تحفة المحتاج"، وتقديمه جاء بسبب أنّه من أواخر مصنّفاته؛ والقاعدة في هذا الباب: أنّه يفتى بالمتأخّر على المتقدّم؛ ولأنّ فيها من الإحاطة بنصوص الإمام الشّافعيّ، مع مزيد تتبّع المؤلّف فيها، ولقراءة المحقّقين الّذين لا يحصون كثرةً لها عليه.

والّذي ينبغي تقريره: أنّه إذا لم يوجد للمسألة نصّ في "التّحفة"، اتّبع في ذلك القاعدة المعروفة، وهي تقديم المتأخّر على المتقدّم؛ فإنّ كتب العلاّمة ابن حجر معلومة التّرتيب غالباً؛ فإنّه كان ينصّ على تواريخ تأليفه لها، فيكون ترتيب كتبه ورسائله الفقهيّة؛ بناء على سني التّأليف، كالتّالي:

- كتاب "تحفة المحتاج"؛ لأنّه أعمد مؤلّفاته للأسباب الّتي تقدّم بيانها، ولأنّه من أواخر مؤلّفاته الفقهيّة فيما يظهر، وقد كتبه سنة (٩٥٨هـ) ..

- ثمّ "رفع الشّبه والرّيب"؛ فقد كتبه في السّنة نفسها ..

- ثمّ "كفّ الرّعاع"؛ فإنّه كتبه في السّنة نفسها كذلك؛ لكن قبل أن يُتمَّ "التّحفة" ..

- ثمّ "تحرير المقال"، وقد كتبه سنة (٩٥٧هـ) ..

- ثمّ "الانتباه"، وقد كتبه سنة (٩٥٤هـ) ..

- ثمّ "حاشيته على رسالة باقشير في الحيض"، وقد كتبها سنة (٩٥٣هـ) ..

- ثمّ "الإتحاف"، وقد كتبه في رمضان سنة (٩٥٢هـ) ..

- ثمّ إتحاف أهل الإسلام، وقد كتبه بداية سنة (٩٥٢هـ) ..

- ثمّ "فتح الجواد"، وقد كتبه سنة (٩٥١هـ ) ..

- ثمّ "إتحاف ذوي المروءة والإنافة"، وقد كتبه سنة (٩٥٠هـ) ..

- ثمّ "تنوير البصائر"، وقد كتبه سنة (٩٤٩هـ) ..

- ثمّ "سوابغ المدد"، وقد كتبه سنة (٩٤٦هـ) ..

- ثمّ "المنهج القويم"، وقد فرغ منه سنة (٩٤٤هـ) ..

- ثمّ حاشية الإيضاح"، وقد كتبها سنة (۹۳۹هـ) ..

- ثمّ "مختصر الإيضاح"، وقد كتبه سنة (۹۳۳هـ) ..

- ثمّ "الإمداد"، ثم "الإيعاب" و"فتاواه".

- هذا، وينبغي بناءً على القاعدة المذكورة أن يُقدَّم على "التّحفة" حاشيتاه على "فتح الجواد" وعلى "التّحفة"؛ فإنّه كتب "حاشية فتح الجواد" سنة (٩٧٢هـ)، وكتب "حاشية التّحفة" سنة (٩٧٤هـ)، وهي سنة وفاته، بينما تقدَّم أنّه فرغ من "التّحفة" سنة (٩٥٨هـ)

- كما ينبغي أن يُقدَّم عليها كذلك "رسالة قرّة العين"؛ فإنّه كتبها سنة (٩٦٢هـ).

- ومن أمثلة ما اختلف فيه قوله بين "التّحفة" و"حاشيتها": مسألة الوضوء بفضل المرأة؛ فقد نصّ في "التّحفة" على أنّه مكروه، بينما نصّ في "حاشيتها" على عدم كراهتها، فينبغي أن يكون الثّاني هو الرّأي المعتمد4

هذا، وقد ذكر الشّيخ عمر القره داغي في كتابه "المنهل النّضّاخ": أنّه ينبغي أن يعتبر في كتب ابن حجر ما سبق ذكره في كتب الإمام النّوويّ، من أنّ الواجب عند تعارضها مراجعة معتمدي المتأخّرين، واتّباع ما رجّحوه منها ]15، ص 41[.

ح - مكانة الجمال الرّمليّ في الفتوى:

أمّا العلّامة الرّمليّ، فالمقرّر أنّ المفتى به في المذهب ما نصّ عليه في "نهاية المحتاج"؛ لأنّ هذا الكتاب قرئ على المؤلّف ونقد وصُحِّح كما سبق؛ ولأنّه من أواخر مؤلّفاته.

لكن قال العلّامة الكرديّ في "الفوائد المدنيّة" ما نصّه: "ينبغي أن يكون جميع ما في "شرح الجمال الرّمليّ على الإيضاح" ممّا يخالف "نهايته" هو المعتمد؛ وذلك لتأخّر "شرح الإيضاح" عن "النّهاية"؛ فإنّه شرع في تأليف نهايته في شهر ذي القعدة الحرام سنة ثلاث وسبعين وتسع مئة، وكان شروعه في "شرح الإيضاح" في حال مجاورته بمكّة المشرّفة سنة تسعين وتسع مئة، وكان فراغه من تأليفه في شهر ذي الحجّة الحرام، ختام سنة تسعين وتسع مئة".

وينبغي كذلك - بناء على القاعدة المذكورة من تقديم المتأخّر على المتقدّم – أن يقدّم على "النّهاية" "شرح هداية النّاصح"، المسمى بـ"عمدة الرّابح"؛ فإنّه فرغ من تأليفه سنة (977هـ).

ط - أقوال أخرى في الفتوى الرّاجحة في المذهب:

هذا، والذي ذكرناه هو القول الأوّل للجماعة من فقهاء الشّافعيّة، وهناك قولان آخران في بيان المعتمد عند المتأخّرين، وهما:

الأوّل: جواز الفتوى بما رجّحه العلّامتان ابن حجر والرّمليّ أو غيرهما من أجلّاء المتأخّرين.

وقد ذهب إلى هذا الرّأي العلّامة الكرديّ في "الفوائد المدنيّة"، والشّيخ سعيد باعِشن في "بشرى الكريم" والشّيخ عمر القره داغي في "المنهل النّضّاخ".

يقول العلّامة الكرديّ بعدما نقل آراء العلّامة ابن حجر والعلّامة الرّمليّ والعلّامة الشّربينيّ في مسألة الصّيام بقول الحاسب والمنجّم، ما نصّه: "فهذه ثلاثة آراء متكافئة أو قريبة التّكافؤ، يجوز تقليد كلّ منها" ]16، ص 77[.

وقال في موضع آخر: " وكيف لا يجوز الإفتاء بكلام شيخ الإسلام زكريّا، وهو إمام المذهب وشيخ مشائخ الإسلام".

لكن جواز الإفتاء بأقوال واحد من المذكورين مشروط بألّا يُجمِعَ مَن بعدهم على أنّ ما ذكره سهو أو ضعيف، أو خارج عن المذهب، قال الشّيخ سعيد باعِشن في كتابه "مواهب الديّان: "وهو نادر".

والثّاني: أنّ المعتمد ما عليه الأكثرون، وهو رأي العلّامة زين الدّين المليباريّ، وقال به الشّيخ محمّد طاهر القَراخيّ الدّاغستانيّ احتياطاً، ونصّ كلامه: " ثمّ الأحوط لمن له بدينه اهتمام، وللحقّ تطلّب وعليه إلمام؛ تمسّك ما عليه أكثرهم، فضلاً عن اتّباع ما تفرّد به واحدهم خلاف ما عليه غيره منهم" ]18، ص 587[،]19، ص 123[.

النّتائج:

  1. تقديم الشّيخين الرّافعيّ والنّوويّ كمصدرَيْن معتمدَيْن في الفتوى الشّافعيّة:

اتّفق جمهور فقهاء الشّافعيّة على اعتماد تصحيحات الإمامين الرّافعيّ والنّوويّ كأساس للفتوى، وذلك؛ لتمكُّنهما من جمع نصوص الإمام الشّافعيّ وأصحابه المتناثرة، وتحقيقهما للمذهب بِدِقَّةٍ، ويرجع ذلك إلى:

- جَمْعِهِما لمتفرّقات المذهب وتمحيصها، مع توافر مصادر كثيرة لديهما لم تكن مُتاحةً لمن جاء بعدهما

- براعتهما في الاستنباط وإحاطتهما بنصوص المذهب، حتى صارا أدرى بمداركه من المتأخرين .

- عدم تقييدهما بآراء الأكثريّة، بل اعتمادهما على قوّة الدّليل، حتى لو خالفا نصوصًا سابقة فإنّما هو لموجب راجح .

  1. أسباب تفضيلهما على غيرهما:

- الاجتهاد في التّنقيح: بذلا جهودًا غير مسبوقة في تنقيح المذهب وتحريره، ممّا جعلهما المرجع الأوثق.

- الورع والتّحرّي والأدب العلميّ: تميّزا بالدّقّة في النّقل والتّحقّق من الأدلّة، وتعاملا باحترام مع سابقيهما مع تجنّب الانتقاد اللّاذع لأئمة المذهب، ممّا أكسبهما قبولًا واسعاً.

  1. أولويّة قول النّوويّ عند التّعارض:

- يُقدَّم قول النّوويّ على الرّافعيّ عند الاختلاف غالباً؛ لكونه أكثر تحريراً للمذهب، خاصّة في كتبه المتأخّرة كـ"المجموع" و"الرّوضة".

- ومع ذلك، يُلجأ إلى ترتيب كتب النّوويّ وفقًا لزمن تأليفها؛ كتقديم "المجموع" على "المنهاج"، مع مراعاة تغيُّر اجتهاده في بعض المسائل .

  1. حكم المسائل التي لم يصرِّحا بها:

- إذا لم يرد عن الشّيخين رأي، يُرجع إلى أهل الاجتهاد القادرين على التّرجيح بين أقوال الأصحاب بناءً على أصول المذهب.

- أمّا غير المجتهد، فيعتمد على مصنَّفات المتأخّرين المعتمدين؛ كشيخ الإسلام زكريّا الأنصاريّ، وابن حجر الهيتميّ، والجمال الرّمليّ، والشّربينيّ؛ لكونهم جمعوا بين تحقيق المذهب وضبطه.

1. أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي. الإيعاب شرح العباب. مخطوط. القاهرة: المكتبة الأزهرية. رقم الحفظ في المكتبة: [754] 5676، [914] 7872، [2815] امبابي 48294. ص 22

2. أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي. الإيعاب شرح العباب. مخطوط. القاهرة: المكتبة الأزهرية. رقم الحفظ في المكتبة: [754] 5676، [914] 7872، [2815] امبابي 48294. ص 22

3. أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي. الإيعاب شرح العباب. مخطوط. القاهرة: المكتبة الأزهرية. رقم الحفظ في المكتبة: [754] 5676، [914] 7872، [2815] امبابي 48294. ص 22

4. أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي. حاشية تحفة المحتاج. مخطوط.

Список литературы

1. Абу-‘Абд-Аллах Бадр ад-дин Мухаммад ибн ‘Абд-Аллах ибн Бахадир аш-Шафи‘и аз-Заркаши. Аль-Мансур фи-ль-кава‘ид аль-фикхиййа. Т. 1. Кувейт: Дар Визарат аль-Ауқаф; 1405/1985. 435 с.

2. Абу-Закариййа Мухйи-ад-дин Йахйа ибн Шараф ан-Навави. Аль-Маджму‘ шарх аль-Мухаззаб. Т. 2. Бейрут: Дар аль-Фикр; б. г. 603 с.

3. Ахмад ибн Мухаммад ибн ‘Али ибн Хаджар аль-Хайтами. Тухфат аль-мухтадж би-шарх аль-Минхадж ма‘а хаваши аш-Ширвани ва-ль-‘Аббади. Т. 1. Бейрут: Дар Ихйа’ ат-турас аль-‘араби; 1983. 505 с.

4. Абу-Закариййа Мухйи-ад-дин Йахйа ибн Шараф ан-Навави. Аль-Маджму‘ шарх аль-Мухаззаб. Т. 1. Бейрут: Дар аль-Фикр; б. г. 530 с.

5. Тадж-ад-дин ‘Абд-аль-Ваххаб ибн Такы-ад-дин ас-Субки. Табакат аш-шафи‘иййа аль-кубра. Т. 8. 2-е изд. Гиза: Хиджр ли-т-тыба‘а ва-н-нашр ва-т-таузи‘; 1413 х. 418 с.

6. Абу-ль-Фида’ Исма‘иль ибн ‘Умар ибн Касир аль-Кураши аль-Басри ад-Димашкы. Табакат аш-Шафи‘иййин. Каир: Мактабат ас-Сакафа ад-диниййа; 1993. 955 с.

7. Ахмад ибн Мухаммад ибн ‘Али ибн Хаджар аль-Хайтами. Аль-Фатава аль-фикхиййа аль-кубра. Т. 4. Бейрут: Аль-Мактаба аль-ислямиййа; б. г. 394 с.

8. Ахмад ибн Мухаммад ибн ‘Али ибн Хаджар аль-Хайтами. Тухфат аль-мухтадж би-шарх аль-Минхадж ма‘а хаваши аш-Ширвани ва-ль-‘Аббади. Т. 8. Бейрут: Дар Ихйа’ ат-турас аль-‘араби; б. г. 488 с.

9. Абу-Закариййа Мухйи-ад-дин Йахйа ибн Шараф ан-Навави. Тахзиб аль-асма’ ва-ль-люгат. Т. 3. Бейрут: Дар аль-Кутуб аль-‘ильмиййа; б. г. 487 с.

10. Абу-Закариййа Мухйи-ад-дин Йахйа ибн Шараф ан-Навави. Аль-Маджму‘ шарх аль-Мухаззаб. Т. 4. Бейрут: Дар аль-Фикр; б.г. 607 с.

11. Ахмад ибн Мухаммад ибн ‘Али ибн Хаджар аль-Хайтами. Хашийат аль-Идах. Мекка: Мактабат аль-Асади; б. г. 596 с.

12. Ахмад ибн Мухаммад ибн ‘Али ибн Хаджар аль-Хайтами. Тухфат аль-мухтадж би-шарх аль-Минхадж ма‘а хаваши аш-Ширвани ва-ль-‘Аббади. Т. 9. Бейрут: Дар Ихйа’ ат-турас аль-‘араби; б. г. 409 с.

13. Мухаммад ибн Суляйман аль-Курди. Аль-Мавахиб аль-маданиййа. Каир: Дар аль-Фарук; 2008. 536 с.

14. Са‘ид ибн Мухаммад Ба‘али Ба‘ишн ад-Дав‘ани ар-Рибаты аль-Хадрами аш-Шафи‘и. Бушра аль-карим би-шарх маса’иль ат-та‘лим. Джедда: Дар аль-Минхадж; 2021. 720 с.

15. ‘Умар ибн Мухаммад, аль-Кара-Даги. Аль-Манхаль ан-наддах фи ихтиляф аль-ашйах. Дамаск: Дар аль-Баша’ир; 2007. 382 с.

16. Мухаммад ибн Суляйман аль-Курди. Фатава аль-Курди. Каир: Матба‘ат Мустафа Мухаммад; 2003. 578 с.

17. Ахмад ибн Мухаммад аль-Малибари. Фатх аль-му‘ин би-шарх куррат аль-‘айн би-мухиммат ад-дин. Бейрут: Дар ат-Таква, Дар ар-Рисаля; 2011. 724 с.

18. Мухаммад Тахир аль-Карахи. Иршад аль-‘авамм фи-ль-‘амаль би-акваль ‘уляма’ аль-а‘лям. Махачкала: Вахдат аль-Бухус аль-ислямиййа би-Дагистан; 2013. 623 с.


Об авторах

И. А. Хаутиев
Гуманитарно-технический колледж Ингушского государственного университета; Сунженский исламский институт; Болгарская исламская академия
Россия

Исмаил Ахметович Хаутиев, докторант, преподаватель 

Назрань; Республика Ингушетия; Сунжа; Республика Татарстан; Болгар



Б. С. Аль-Ляххам
Болгарская исламская академия; Дамасский университет
Россия

Бадиʿ ас-Саййид аль-Ляххам, доктор исламских наук (PhD), доцент, преподаватель

шариатский факультет; кафедра Корана и хадисов; кафедра религиозно-
гуманитарных дисциплин

Республика Татарстан; Болгар; Сирия; Дамаск



Рецензия

Для цитирования:


Хаутиев И.А., Аль-Ляххам Б.С. Приоритеты и методология издания фетв в шафиитском мазхабе. Minbar. Islamic Studies. 2025;18(2):340-357. https://doi.org/10.31162/2618-9569-2025-18-2-340-357

For citation:


Khautiev I.A., Al-Lahham B.S. Priorities and methodology of issuing fatwas in the Shafi‘i madhhab. Minbar. Islamic Studies. 2025;18(2):340-357. (In Russ.) https://doi.org/10.31162/2618-9569-2025-18-2-340-357

Просмотров: 173


Creative Commons License
Контент доступен под лицензией Creative Commons Attribution 4.0 License.


ISSN 2618-9569 (Print)
ISSN 2712-7990 (Online)